المباني الذكية
العالم يتغير ويتطور باستمرار، جنباً إلى جنب مع أولوياتنا، وفي وقتنا الحالي، ثمة تركيز متزايد على الاستدامة وكفاءة الطاقة والاتصالات، ويتم إيجاد حلول لهذه الحاجات تدريجياً ويشمل أحد هذه الحلول المباني الذكية. فقد وصلنا لعصرٍ جديد في ما يتعلق الأمر ببناء المباني، فلم يعد يكفي ببساطة أن توفر المكاتب مساحة للجلوس والعمل فحسب.
اليوم، وبفضل التطور التكنولوجي، أصبح من الممكن للمباني ليس فقط تقديم جميع الخدمات التي يحتاجها قاطنوها، ولكن يتم القيام بذلك مع جعل المبنى أكثر كفاءة بقدر الإمكان، وتقليل التكاليف، وزيادة توفير الطاقة على مدى حياة المبنى.
وتجدر الإشارة إلى أن فكرة المباني الذكية ليست بجديدة، ولكن سوف نرى من خلال هذه السطور أحدث المباني الذكية حول العالم والمواصفات التي تملكها.
مقر مجموعة “BEEAH” (الشارقة، الإمارات):
هذا المكتب المعاصر هو المقر الرئيسي لمجموعة “BEEAH”، وهي شركة إقليمية رائدة في مجال الاستدامة.
صممت المبنى زاها حديد، ويتم تشغيله بواسطة الطاقة الشمسية، وهو يمتلك مواصفات عالمية وقد تم بناؤه لتحقيق صافي انبعاثات صفرية. ويتماشى المبنى مع هدف الشركة لتسريع التأثير المستدام على مستوى العالم وكعرض لما سيكون ممكناً في مدن المستقبل الذكية والمستدامة.
تم تصميم المقر الرئيسي للشركة مع وضع الاستدامة في الاعتبار، وهو يضم أحدث ابتكارات التكنولوجيا الخضراء، فضلاً عن كونه المكتب الأكثر تمكيناً للذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط.
يستفيد الموظفون داخل المبنى من المسارات اللاتلامسية مع تقنية التعرف إلى الوجه لتسجيل الدخول، وخدمة استقبال وإرشاد افتراضية، وغرف اجتماعات ذكية، وتطبيق مصاحب لأتمتة المهام اليومية. وتتم إدارة الإضاءة ودرجة الحرارة في غرف الاجتماعات الذكية تلقائياً. ويضمن المبنى استخدام الحد الأدنى من الطاقة.
تم صنع الأجزاء الخارجية من الخرسانة المسلحة بالزجاج، ما يعكس أشعة الشمس للحصول على تأثير تبريد طبيعي. وفي الداخل، يساعد تبريد الألواح والزجاج على تنظيم المبنى بشكل طبيعي ويتم تشغيل المبنى بأكمله بواسطة مزرعة شمسية مع تخزين الطاقة في حزم بطاريات “تسلا”.
مقرا شركة “Cisco” في كندا والولايات المتحدة:
كندا: تربط أنظمة البناء الذكية الأشخاص والعمليات والبيانات وأجهزة الإنترنت على شبكة واحدة في المقر الرئيسي لشركة “Cisco” في تورونتو. وعندما يصل العمال إلى المبنى، يوجههم تطبيق الهاتف المحمول إلى محطة عمل متاحة فلا وجود لمكاتب مخصصة ضمن الشركة. وينقل التطبيق تفضيلات الموظفين في ما يتعلق بدرجات الحرارة المحيطة والرطوبة والإضاءة إلى مستشعرات الإنترنت، لذلك عندما يصلون إلى مناطق عملهم، يكونون على الفور مرتاحين ومستعدين لبدء العمل.
ولتشجيع التعاون، يمكن تعديل مساحات الاجتماعات الذكية ومناطق التجمع الأخرى، وتحتوي غرف المؤتمرات الذكية على جدران يمكن سحبها وتوسيعها للتكيف مع عدد الموظفين. ويحتوي هذا المبنى الذكي أيضاً على مصاعد تقلل من عدد الرحلات الفارغة، فيدخل الموظفون الطابق المطلوب، ويقوم النظام باختيار المصعد الأقرب إليهم.
نيويورك: تبلغ مساحة مكتب “Cisco” في مدينة نيويورك 54000 قدم مربعة ويتألف من مجموعة متنوعة من مساحات العمل المرنة وغرف الاجتماعات عالية التقنية. وقد أنشأت الشركة مقطع فيديو لإظهار ماسحة المكتب المجهزة بإضاءة “Power Over Ethernet”، وادعت الشركة أنها أسهل وأسرع في التثبيت، وهي أكثر كفاءة في استخدام الطاقة من الكابلات الكهربائية.
مكاتب “JTC Summit”، سنغافورة:
من الخارج قد تبدو هذه المكاتب مثل أي كتلة مكتبية أخرى. ولكن في الداخل، تعمل شبكة من حوالي 60000 جهاز استشعار على تشغيل المكاتب ما قد يجعل المبنى يكاد يكون ككائن حي.
وقد طورت “Govetech”، الذراع التنموية للحكومة السنغافورية، منصة جديدة من شأنها أن تجمع بين مجموعة من التقنيات من الطاقة الذكية إلى إدارة المباني وحتى خدمات توصيل عبر الروبوتات في منصة واحدة. وتعمل هذه المنصة كبرمجيات وسيطة للجمع بين مجموعة واسعة من القطاعات إلى جانب ركائز البنية التحتية من الشبكة إلى الحوسبة والتخزين، ومشاركة البيانات عبر أنظمة متعددة لتقديم كل ما قد يحتاجه مبنى المكاتب الذكية عبر نظام التشغيل “Smart District OS”.
ويمكن لنظام التشغيل هذا مراقبة كل جزء متصل في المبنى، وإعطاء تفاصيل حول عناصر عدة لتحديد ما إذا كان هناك أي أعطال أو انقطاعات تتطلب الانتباه. ويمكن عرض حركة جميع العناصر في الوقت الفعلي.
ويمتد نطاق نظام “Smart District OS” أيضاً إلى غرف المبنى، وجميعها مجهزة بأجهزة استشعار ذكية تسمح بأقصى قدر من التخصيص. فعلى سبيل المثال، إذا اكتشفت قنوات المراقبة أن غرفة الاجتماعات مزدحمة للغاية، أو أظهرت بيانات الطقس الخارجية زيادة في درجة الحرارة، فيمكن تشغيل مكيف الهواء لضمان عدم ارتفاع درجة حرارة الحاضرين، ويمكن تتبع استخدام الغرف لمعرفة ما إذا كانت هناك حاجة لنقل الاجتماعات لغرف أصغر.
وتحتوي المكاتب على روبوتات قادرة على تنفيذ مجموعة متنوعة من المهام، من تسليم الطرود، أو اكتشاف تنبيهات الصيانة، أو مجرد القيام بدوريات في القاعة لاكتشاف أي مشكلات محتملة. ويمكن تتبع هذه الروبوتات في الوقت الفعلي للتأكد من عدم ضياعها، ويمكن إعادة توجيهها أو إيقافها في حالة ظهور مهمة مختلفة أو حالة طارئة.
بحلول العام 2050، سيعيش 70 في المئة من سكان العالم في المناطق الحضرية، وسوف يسعى الناس لتحقيق أقصى استفادة من عالم التكنولوجيا، لذلك نحن بحاجة لإيجاد حلول لتوفير أماكن للسكان الراغبين بالانتقال إلى المدينة بالإضافة إلى توفير أحدث الخدمات التكنولوجية لتوجه جديد فيما يتعلق بالمباني والبنى التحتية، من هنا تعتبر المباني الذكية هي الحل الأكثر ملاءمةً لهذه الظاهرة.